يقال أن الدورية المشتركة التي أصدرتها كل من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ووزارة الداخلية في 28 ابريل 2023 تهدف الى تبسيط مسطرة الترخيص بالبناء في الوسط القروي، إلا أن وزارة التعمير تعترف أن الترخيص بالبناء في هذا الوسط، لا زال يعرف بعض الإكراهات والصعوبات.
في البداية لابد من الإشارة إلى أن الدورية المذكورة ليست جديدة، وإنما هي نسخة طبق الأصل لدورية كانت قد أصدرتها حكومة ذ. بنكيران في بداية ولايتها بتوقيع نبيل بن عبد الله الذي كان وزيرا للتعمير وسياسة المدينة في تلك الحكومة، علما أن هذه الدورية، سواء في طبعتها الأولى أو الثانية لم تأت بجديد، بل إنما تضمنت إجراءات كان معمولا بها من قبل.
كغيرهم من المواطنين بالمجال القروي بباقي تراب المملكة، يجد المواطنون بمنطقة أولاد عبو بجماعاتها الخمس أمام إكراهات لا حصر لها للحصول رخصة البناء بالمجال القروي، إكراهات لم يجدوا لها حلا في الدورية المذكورة وبالتالي بقي هؤلاء المواطنون محرومون من حقهم في توفير سكن يؤويهم، أو مرفق فلاحي يدر عليهم دخلا يمكنهم من توفير ولو الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة لأسرهم.
من هذه الإكراها الوضعية القانونية للأرض التي يريدون البناء عليها، حيث أن وضعية معظم الأراضي بالمجال القروي توجد في ووضع قانوني غير سليم لا يسمح لهم حتى بتقديم طلب رخصة بناء، فإما أن تكون القطعة الأرضية التي سيقام عليها البناء على ملك مشاع ضمن مطلب أو رسم عقاري يقدر عدد ملاكيه بالعشرات، وبالتالي يصعب على أصحابه الخروج من الشياع، أو أنه بدون وثيقة إثبات ملكية أصلا.
كما أن من المواطنين من يمتلك منزلا قديما ويريد إضافة غرفة من أجل تزويج إبنه لكن الوضعية القانونية للمنزل لا تسمح له بالحصول على رخصة البناء، خاصة بالنسبة للمساكن القروية التقليدية التي تتواجد وسط الدواوير المشكلة من منازل ملتصقة ببعضها البعض.
وحتى لو تم تجاوز إشكالية إثبات الملكية، فإن تكاليف الحصول على الرخصة باهضة جدا، حيث تتشكل هذه التكلفة من أتعاب المهندس المساح والمهندس المعماري ومستحقات الوكالة الحضرية والوقاية المدنية، بالإضافة إلى واجبات الحصول على بعض الوثائق بالإضافة إلى الإتاوات و"القهيوات".
أما الكارثة العظمى بالنسبة لطالب الرخصة فتحل عليه عندما يتم رفض طلبه بسبب ملاحظات بعض أعضاء اللجنة المختصة، حيث تكون تلك الملاحظات في غالب الأحيان مضحكة مبكية لكونها تتعلق بأمور تافهة لا تستحق أن تعرقل مسطرة معالجة الملف، بل في بعض الحالات يكون على طالب الرخصة امتلاك عصا موسى ليشق بها بحر شروط الخزيرات التي توضع في طريق حصوله على تلك الرخصة.
إن مشكل الترخيص بالمجال القروي يتطلب حلولا حقيقية تنسجم مع طبيعة المشاكل التي تحول دون حصول الكثير من ساكنة المجال القروي على رحص بناء، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال دراسة ميدانية تستقي حقيقة العراقيل التي يجدها المواطنون بالمجال القروي في طريق الحصول على رخصة البناء، وهذا هو دور المجالس الجماعية التي تضم أعضاء يُفترض أنهم يمثلون المواطنين ويترافعون عنهم أمام مؤسسات الدولة.
0 تعليقات