نصت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية على آلية الحلول التي يجب على الولاة والعمال اللجوء إليها في حال الامتناع التعسفي لرئيس جماعة من تلك الجماعات عن القيام بالأعمال المنوطة به بشكل يمس بالسير العادي لمصالح الجماعة.
لكن رغم الحالات الكثيرة والخطيرة لامتناع رؤساء جماعات إقليم برشيد عن القيام بالأعمال الواجب عليهم القيام بها بموجب القوانين الجاري بها العمل، مما يؤدي إلى المساس بمصالح الجماعة ومصالح مواطنيها، فإن عامل الإقليم يمتنع هو الآخر عن تفعيل آلية الحلول وكأن ممارسة هذه السلطة أمر اختياري يتصرف فيه كيف يشاء وفي الوقت الذي يشاء.
من أخطر حالات الامتناع تلك، امتناع رؤساء الجماعات عن تطبيق مقتضيات الفصل 78 من القانون 113-14 المتعلق ببرنامج عمل الجماعة، حيث تنص تلك المادة بصيغة واضحة وإلزامية على إعداد برنامج العمل هذا خلال السنة الأولى من الولاية الانتدابية، بينما نرى اليوم وبعد مرور أكثر من سنتين على هذه الولاية مازالت غالبية جماعات الإقليم لم تعلن حتى على انطلاق عملية إعداد برنامج العمل.
لقد نص المشرع على برنامج العمل في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية لأنه يدرك جيدا أن البديل عن البرمجة هو العشوائية والعبث في غياب اختيارات تنموية محددة تؤطر عمل المجالس الجماعية وتوجهها نحو أهداف تنموية دقيقة، وهو ما يؤدي إلى تبذير المال العام وإهدار فرص التنمية وانتعاش النهب والاختلاس والاغتناء غير المشروع على حساب المصالح العامة للجماعات.
غياب برنامج عمل الجماعات يدفعنا للتساؤل حول المعايير والمؤشرات التي يعتمدها عامل الإقليم للمصادقة على ميزانيات الجماعات، فما دامت تلك الجماعات لم تحدد توجهاتها واختياراتها التنموية، ڪيف يتمكن عامل الإقليم من تقييم البرمجة المالية التي تعتمدها مجالس تلك الجماعات ويتأكد هل هي منسجمة مع متطلبات التنمية أم لا.
و كيف يتمكن من تفعيل قواعد المراقبة القبلية والبعدية التي خولها له القانون المنظم لمالية الجماعات المحلية، والتي تعتمد على تقديرات لها علاقة بالأساس بالمشاريع التنموية المبرمجة، والعائد التنموي الذي سينتجه تنفيذ الميزانية سواء السنوية أو متعددة السنوات.
ونعيد طرح السؤال مرة أخرى حول أيهما أولى بالتفعيل، الفصل المتعلق بتضارب المصالح كما في حالة الأخ عبد المطلب محب، الذي أقيل من منصب النائب الأول لرئيس بلدية أولاد عبو بحجة أن جده لأبيه كانت له قبل وفاته علاقة كرائية مع الجماعة يزيد عمرها عن نصف قرن، يعني أنها نشأت عندما كان عبد المطلب ما يزال نطفة في صلب أبيه، والتي لن يكون بإمكانه أن يغير فيها شيئا، أم الفصل المتعلق ببرنامج العمل الذي يؤدي تعطيله إلى إهدار المال العام وضياع فرص التنمية وفتح الأبواب مشرعة أمام الفاسدين للاغتناء غير المشروع على حساب الجماعات.
0 تعليقات