عندما أعلنت جماعة أولاد عبو عن انطلاق عملية إعداد برنامج عمل الجماعة للسنوات الست القادمة فإنها لم تكشف عن رؤيتها لمنهجية إعداد هذا البرنامج ولا الإمكانات التي رصدتها لإنجاز هذه العملية ولم تعلن عن الهيئة أو الخلية التي ستشرف عليها، وبالتالي لم تضع الرأي العام في سياق العملية حتى تتمكن مكوناته وفعالياته من مواكبتها والمشاركة في بلورة هذا البرنامج.
لذلك ارتأى حزب العدالة والتنمية بأولاد عبو اقتراح منهجية يرى أن اعتمادها في عملية الإعداد هذه ستمكن من إنتاج برنامج واقعي وقابل للتنزيل ليشكل أداة فعالة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة بمختلف أبعادها في إطار شراكة مع مختلف الفعاليات المتدخلة أو المعنية بقضايا الشأن العام المحلي للجماعة.
أول خطوة في عملية الإعداد هي تهيئة الظروف وتعبئة المجتمع المحلي بكل مكوناته وفعالياته للمساهمة في إنجاحها من خلال المشاركة الفاعلة والفعالة في مختلف أطوارها ومحطاتها، وتقديم أفكار واقتراحات في كل المواضيع التي تنكب على دراستها والانخراط الفعلي في معالجة كل القضايا التي ستكون معروضة للنقاش وذلك كله من أجل أن تتمكن من تحديد الحاجيات الحقيقية للسكان وحجم الخصاص الذي تعاني منه الجماعة من تلك الحاجيات.
بعد ذلك يتم وضع جدول زمني لمراحل إعداد برنامج العمل وكذا كل الإجراءات التي سيتم اتخاذها من أجل تفعيل مبدأ التشاركية في إعداد هذا البرنامج سواء تعلق الأمر بالزيارات والبحوث الميدانية أو باللقاءات الدراسية أو تلك التي تلتقي فيها الجهة المشرفة على عملية الإعداد مع المواطنين حسب الفئات (شباب، نساء، ذوي الاحتياجات الخاصة ...) وحسب القطاعات ( تجار، مخنيون، أجراء ..)، والتي يكون الهدف منها تحديد التوجهات العامة والأولويات الكبرى للبرنامج.
هناك مداخل أربع في عملية إعداد هذا البرنامج لابد من مرعاتها في جميع الأحوال وهي:
المدخل الأول:
إجراء عملية تشخيص شاملة تحصي ما تتوفر عليه الجماعة من وسائل ومؤهلات تمكنها من توفير الإمكانات الضرورية لتنزيل البرنامج، خاصة الإمكانات المالية والرصيد العقاري، مع استحضار القدرات التي تتوفر عليها الجماعة لتنمية تلك المقدرات خلال مدة تنفيذ البرنامج من أجل أخذها بعين الاعتبار في تحديد بنك المشاريع خاصة تلك التي تشكل النواة الصلبة للبرنامج.
المدخل الثاني:
تحديد حجم الخصاص المتراكم في كل المجالات والقطاعات خاصة في البنية التحتية للقطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والتجهيزات الأساسية كالطرق ومختلف شبكات التوزيع، مع تحديد وثيرة تزايد حاجيات السكان من مختلف الخدمات الأساسية بمؤشرات واضحة ودقيقة تستند إليها الجماعة في تطوير حجم منتوجها من تلك الخدمات ليواكب تلك الحاجيات ويمنع مزيد من تراكم الخصاص فيها.
المدخل الثالث:
ترتيب الحاجيات حسب الأوليات انطلاقا من معيارين أساسيين وهما أهمية الخدمات وكذا الشريحة المستفيدة منها، ففيما يتعلق بالماء الصالح للشرب مثلا فهو يعتبر أولوية حتى وإن كانت تعاني منه فئة قليلة من الناس نظرا للأهمية الحيوية لهذه المادة بالنسبة للإنسان حيث أن انعدامها أو نذرتها يمكن أن تكون سببا في تفشي بعض الأمراض والأوبئة ويكون لها انعكاس كبير ومباشر على الظروف المعيشية للسكان خاصة مع الأزمة المائية التي تعاني منها البلاد، أما بالنسبة للطرق فالأولوية للطرق والمسالك المحورية والمهيكلة التي ستفك العزلة على أكبر عدد من ساكنة الجماعة وتساهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي والنهوض به.
المدخل الرابع:
دراسة جميع المعطيات التي يتم تجميعها حول الإمكانات المتوفرة والخصاص المتراكم وكذا الحاجيات المتزايدة مع استحضار قدرة الجماعة على تنمية مقدراتها وإمكاناتها المالية والعقارية من أجل تحديد بنك المشاريع التي ستنجزها خلال فترة البرنامج أو تلك التي يمكن أن تشكل أرضية للبرامج التي ستعقبه في إطار رؤية استراتيجية بعيدة المدى، وهو ما يجب أن تشرف عليه خبرات وطاقات متخصصة ومؤهلة حتى تتمكن من تحقيق أكبر قدر من المنجزات بأقل كلفة ممكنة.
إن هذه هي رؤية حزب العدالة والتنمية حول المنهجية التي يجب أن تنضبط لها عملية إعداد برنامج العمل، وقد استند في تحديدها إلى النصوص التشريعية والتنظيمة الجاري بها العمل في إعداد برامج عمل الجماعات الترابية، كما استند إلى القواعد العلمية المعتمدة في مجال البرمجة والتخطيط وخاصة تلك التي أثبتت نجاعتها في الكثير من التجارب الأخرى، والهدف في النهاية هو إخراج برنامج عمل واقعي وقابل للتنزيل ينتشل جماعة أولاد عبو من حالة الإفلاس التي تتخبط فيها منذ عقود.
0 تعليقات