ما جعلني أفكر في توجيه هذه الرسالة إلى جمعيات أولاد عبو هو تدوينة نشرها أحد نشطاء فايسبوك يقول فيها:" لا نقبل أن يتهم الناس باتهامات خطيرة دون دليل قاطع يبرر تلك الاتهامات"، وأشار فيها إلى أن ما " ينشر حول رئيس جمعية للمعاقين بأولاد عبو يجب أن يكون مبنيا على حقائق وليس ظنون"، ونشر مع تلك التدوينة صورة لرئيس إحدى الجمعيات، وربما ظن هذا الأخير أن التدوينة تعنيه هو فعلق بقوله تعالى" إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"، وطلب من صاحب التدوينة أن يدخل معه في بث مباشر لكشف الحقيقة.
لذلك رأيت أن أوجه رسالتي هذه للرئيس صاحب التعليق ومن خلاله لباقي الرؤساء "أصحاب الجمعيات" لأذكرهم فيها ببعض مسلمات العمل الجمعوي ومقتضياته والقواعد التي يجب أن يستند إليها العاملون فيه في ممارسة أنشطتهم الداخلية والخارجية بما فيها تلك المتعلقة بالشفافية والنزاهة وعلى رأسها الديمقراطية الداخلية في تدبير الشأن الداخلي للجمعية والتواصل الخارجي عبر مختلف القنوات لتكون مؤسسة حقيقية تستحق صفة الشخصية المعنوية التي أضفاها عليها القانون وتجعل منها كيانا قويا وشفاف فوق كل الشبهات.
لدا أريد أن أثير انتباه الرئيس صاحب التعليق هو أنه عندما طلب من صاحب التدوينة أن يدخل معه في بث مباشر لكشف الحقيقة قد أدان نفسه بهذا الكلام لكونه أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الحقيقة قد تم حجبها والتستر عليها وهو يريد الآن كشفها، ولو كانت الجمعية تتحلى بالشفافية والوضوح في نشاطها ما اضطر رئيسها لطلب الخروج في بث مباشر لبيان الحقيقة، بل لكانت الحقيقة اللآن منتصبة أمام العموم تدافع عنه وعن نفسها في مواجهة الأباطيل والأكاذيب والمغالطات.
فالجمعيات الحقيقية هي التي تعمل كمؤسسات لها هياكل تنظيمية تتشكل من هيئات وأجهزة تمارس اختصاصاتها في إطار القانون وتتحمل مسؤولية القرارات والمقررات التي تتخذها بتوضيحها وتبريرها وتنزيلها على أرض الواقع بكل شفافية ووضوح، وهذا الهيكل التنظيمي هو الذي يمكن تلك الجمعيات من احترام قواعد الشفافية والنزاهة وعلى رأسها الديمقراطية الداخلية التي تمنع تحويل الجمعية إلى سجل تجاري في اسم شخص واحد يتصرف فيها تصرف المالك فيما يملك.
فهل جمعيات أولاد عبو، وخاصة التي تحول إليها عدد من المؤسسات العمومية والجماعات المحلية مبالغ طائلة من المال العام كدعم، تتوفر على هيئات وأجهزة، بل حتى على سجل للأعضاء تتشكل منه على الأقل أعلى هيئة تقريرية فيها وهي الجمعية العامة تحت أي مسمى كان، أم أنها مجرد خاتم يضعه رئيس الجمعية في جيبه ليجعل منه صنارة يصطاد بها المال العام من هنا وهناك بطرق مختلفة قد تستعمل فيها أساليب غير قانونية بل حتى غير الأخلاقية.
لا أرى أن جمعيات أولاد عبو، أو على الأقل غالبية هذه الجمعيات، يمكن لها أن تصبح جمعيات حقيقية ما دامت بدون هيكل تنظيمي يتشكل من هيئات تقرر لها وتضع لها البرامج، وأخرى تنفذ ما أنتجته الهيئات التقريرية، لم لا يكون لها جهاز تفحص داخلي يراقب أداء أجهزتها ومؤسساتها ويتخذ الإجراءات اللازمة لتحصينها من العبث والعشوائية ويمنع تحويلها إلى ملك خاص، ذلك لأن هذه الجمعيات تأسست منذ البداية لتكون على ما هي عليه الآن وأصحابها اتخذوا كل الاحتياطات لكي لا يفلت زمام التحكم فيها من أيديهم.
ولابد من الإشارة إلى أن الجهات التي تسلمها الدعم هي الأخرى شريكة في تردي العمل الجمعوي بأولاد عبو واندحاره لهذا المستوى لكونها تستغله في أهداف ضيقة غالبا ما تكون انتخابية، حيث يتحول الدعم الممنوح لها إلى مال سياسي لا يختلف عن الأموال التي توزع خلال الحملات الانتخابية.
0 تعليقات